توجهات الدعـوة بين الحـق والباطـل
صفحة 1 من اصل 1
توجهات الدعـوة بين الحـق والباطـل
طرفان من الباطل بينهما واسطة من الحق في توجهات الدعاة:
الطـرف الأول: القول بأن الشرعية الإسلامية، وأساسيات المجتمع الإسلامي، متحققة للأنظمة والمجتمعات العلمانية، وأن كل ما ينقصها هو استكمال نقص وتصحيح انحراف، وأن الحركة إنما هي للإصلاح وليس للتغيير. وهذا القول في حد ذاته يسقط شرعية الجماعات التي تقول به ويغني عنها أجهزة الدولة الرسمية، ولابد أن يريحوا أنفسهم وغيرهم في هذه الحالة من عناء المواجهة مع الأنظمة العلمانية. وهذا القول يقدم على اعتبار أن الوجود الشرعي والتاريخي للأمة مستمران، وأن مسيرة العمل الإسلامي استئناف محض ليس فيه بدء ولا إعادة بناء.
الطـرف الثاني: القول بأن الوجود الشرعي والتاريخي للأمة قد انقطع، وأن الناس في هذه المجتمعات كفار جميعًا إلا هم، أو من هو قريب منهم، وأنهم كاليهود والنصارى بلا فرق، بل اليهود والنصارى أقرب إليهم بصفتهم أهل كتاب، والناس مشركون أو مرتدون، والمشرك أسوأ من الكافر والمرتد أسوأ من الكافر الأصلي. ولابد من إعادة الدعوة من جديد كما لو كان نبيًا جديدًا يُبعث، وأن أمة الإجابة لهذه الدعوة فقط هي التي يهمهم أوضاعها ومشاكلها حيثما كانت، وأما غير ذلك من المجتمعات المنتسبة إلى الإسلام وطغيان اليهود والنصارى عليهم فلا تهمهم في شيء باعتبار الصراعات كلها بين أطراف كافرة من غالب ومغلوب وكلهم أمة واحدة لا شأن لهم بهم إلا أن يدعو الجميع لدين الإسلام. وليس بينهم وبين الاستعمار الصهيوني أو الصليبي عداء، والأمر عندهم بدء محض طويت فيه صفحة الصراعات مع أعداء هذا الدين التي استمرت أربعة عشر قرنًا باعتبار أن هذا الدين نفسه قد طويت صفحته وانتهى أمره وأصدروا شهادة وفاة له ولمجتمعاته، وبدايته الجديدة على أيديهم تماثل بدايات الأنبياء مع الناس جميعًا لا يبدؤون أحدًا بعداء ويطوون صفحة ما قبلهم من جاهليات والناس في بقاع الأرض جميعًا عندهم سواء حتى توجد جماعة أو أمة تؤمن برسالتهم فعندئذ يتحدد المحبة والعداء والولاء والبراء مع الموافق والمخالف. وهذا الطرف كما ترى لا شأن له بمواجهة مع أعداء الإسلام التاريخيين من صهيونية وصليبية أو يهود ونصارى، ولا شأن له ببعث أو إحياء أو تمكين ولا يفكر في ذلك. وغاية ما يسعى إليه هو الحكم على الناس واعتزال من يكفرهم والبراءة منهم، فهو تبشير لا إحياء ولا بعث، ولكنه حتى لا يقوم بدوره كتبشير ويكتفي بالتكفير والاعتزال والإلتزام بإصدار الأحكام على كل واحد من الناس دون الإلتزام باستفاضة البلاغ، وترك أمر الأحكام والاقتصار فيها على ما تستدعيه الحركة من تحديدات ضرورية لمسيرتها.
الواسطـة من الحـق: ترى انقطاع الوجود الشرعي للأمة، واستمرار الوجود التاريخي لها، وأن الأمر مزيج من الاستئناف والبدء، وترى أن الأساسيات للمجتمعات الإسلامية غير متحققة للمجتمعات العلمانية، والشرعية غير قائمة للأنظمة العلمانية. فمن استمرار الوجود التاريخي للأمة ترى أن مسيرة محمد r مستمرة، وأن الإسلام الآن في حالة التباس وليس في حالة اندراس، وأن الاندراس الكامل لأمة محمد r لا يمكن أن يحدث إلا بعد أن تأتي ريح طيبة تقبض أرواح المؤمنين بعد قبض عيسى عليه السلام. وعليه فملامح الاستئناف للمسيرة مستمرة وصفحة الصراع والمواجهة مع الصهيونية والصليبية لم تُطْو، والصراع التاريخي مع اليهود والنصارى لم يُطْو، وأنه لا نبيّ بعد محمد r، والأمر يتطلب ليس التبشير بالدين من جديد والبدء من حيث بدأ، ولكن يتطلب إعادة البناء لانقطاع الوجود الشرعي، وإسقاط شرعية الأنظمة العلمانية، وعدم تحقق أساسيات المجتمع المسلم في المجتمعات العلمانية. فهنا لا يصلح استكمال نقص أو تصحيح انحراف مع اعتراف بشرعية الأنظمة واستقرار الأساسيات في المجتمعات. بل لابد من إعادة بناء هذه المجتمعات نفسها من جديد، وليس التبشير بالدعوة في غيرها من ديار الكفر الأصلي باعتبار أن الإسلام صاحب حق في هذه المجتمعات، وهي لم تتمحض للكفر ومازال فيها خير كثير وفيها الكثير من الأمة ممن لا يرضى بالعلمانية ولا يرغب عن شرع الله، أو يعدل بشرع الله غيره. ولابد من استعادة هذه المجتمعات للإسلام وهي أرضه التاريخية عليها يقوم ومنها ينطلق مرة أخرى. فالرسالة رسالة إحياء وبعث وإعادة بناء، وليس التبشير بالدين الجديد عند من لا يدين به، ولا يمكن مواجهة الأنظمة العلمانية لإسقاطها والتمكين لدين الله في أرضه التاريخية إلا بعد أو مع إحياء الأمة لافتقار الأمة قبل هذا الإحياء لأساسيات المجتمع المسلم الذي تواجه به العلمانية في الصراع بل هي أصلاً ليست طرفًا في الصراع مع العلمانية وهي إما محيَّدة أو متغيرة المواقف في الصراع الدائر بين العلمانية والإسلام أو بين العلمانيين والإسلاميين لأنها لم تحدد بعد هدفها بسبب افتقادها لهذه الأساسيات، فلابد من عملية الإحياء لتتم المواجهة ليس بين الإسلاميين والأنظمة العلمانية ولكن بين الأمة بعد إحيائها وبين العلمانية والقائمين عليها، ومواجهة الإسلاميين للأنظمة العلمانية قبل إحياء الأمة يُمَكِّن الأنظمة العلمانية من عزل هذه الحركات الإسلامية وتصفيتها لأن المواجهة حينئذ تكون مواجهة مبكرة غير متكافئة يتم من خلالها إجهاض العمل الإسلامي في ظل حياد الأمة أو انحيازها للعلمانية أو تغير مواقفها بين العلمانية والإسلام.
· وهناك توجـه آخـر: يرى سقوط شرعية الأنظمة مع احتفاظ الأمة بالأساسيات، ولا يرى داعي للإحياء والأمر لا يتطلب سوى المواجهة لاستعادة الشرعية من مغتصبيها دون أي توجه قبل ذلك أو مع ذلك للإحياء بناء على هذه النظرة، كما حارب الإسلام قبل ذلك أعداءه التاريخيين من التتار والقرامطة والصليبيين والإفرنج وغيرهم مواجهة فورية ومباشرة دون داعٍ لأي عمليات إحياء. وهذا التوجه يتغافل عن الواقع وعن دور الأمة ويدخل في مواجهة غير متكافئة وغير مفهوم بواعثه فيها عند الناس تؤدي إلى إجهاض العمل الإسلامي، وتنفر الناس منه لارتباطه بالدماء بدون سبب مفهوم لديهم. ومن ثَمَّ فهو توجه خاطئ لأنه يتغافل دور الإحياء على أساس من عقيدة التوحيد السلفية توحيد الأئمة وسلف الأمة وما دلت عليه نصوص الكتاب والسنة وارتباط ذلك بالهوية والشريعة والصبغة.
والطرفان من الباطل يخرجان من قضية المواجهة للتغيير، والتوجه الخاطئ يدخل في قضية المواجهة على غير بصيرة، والواسطة من الحق تدخل في قضية المواجهة على بصيرة لارتباط هذه المواجهة مع الإحياء وتصحيح المفاهيم وإدخال الأمة كطرف أصيل في الصراع.
وإدخال الأمة كطرف أصيل في الصراع لا يعطل مسيرة العمل الإسلامي لأن مسيرة العمل الإسلامي متكاملة لابـد فيها مـن:
· تصحيح المفاهيم.
· دور الأمة.
· دور الصفوة.
· دور القيادة.
· التمكين للانطلاق من قاعدة آمنة.
ولا بأس أن يسبق بعض هذه العناصر غيره إذا كان ذلك متاحًا بدون اعتساف أو تقدير خاطئ وحسابات خاطئة تذهب بثمرة كل شيء، ولابد أيضًا من استكمال هذه العناصر جميعًا فإما أن يأتي ترتيبها طبيعيًا أو يختلف الترتيب لكن تكتمل العناصر.
الشيخ عبد المجيد الشاذلي
من كتاب البلاغ المبين الجزء الرابع
الطـرف الأول: القول بأن الشرعية الإسلامية، وأساسيات المجتمع الإسلامي، متحققة للأنظمة والمجتمعات العلمانية، وأن كل ما ينقصها هو استكمال نقص وتصحيح انحراف، وأن الحركة إنما هي للإصلاح وليس للتغيير. وهذا القول في حد ذاته يسقط شرعية الجماعات التي تقول به ويغني عنها أجهزة الدولة الرسمية، ولابد أن يريحوا أنفسهم وغيرهم في هذه الحالة من عناء المواجهة مع الأنظمة العلمانية. وهذا القول يقدم على اعتبار أن الوجود الشرعي والتاريخي للأمة مستمران، وأن مسيرة العمل الإسلامي استئناف محض ليس فيه بدء ولا إعادة بناء.
الطـرف الثاني: القول بأن الوجود الشرعي والتاريخي للأمة قد انقطع، وأن الناس في هذه المجتمعات كفار جميعًا إلا هم، أو من هو قريب منهم، وأنهم كاليهود والنصارى بلا فرق، بل اليهود والنصارى أقرب إليهم بصفتهم أهل كتاب، والناس مشركون أو مرتدون، والمشرك أسوأ من الكافر والمرتد أسوأ من الكافر الأصلي. ولابد من إعادة الدعوة من جديد كما لو كان نبيًا جديدًا يُبعث، وأن أمة الإجابة لهذه الدعوة فقط هي التي يهمهم أوضاعها ومشاكلها حيثما كانت، وأما غير ذلك من المجتمعات المنتسبة إلى الإسلام وطغيان اليهود والنصارى عليهم فلا تهمهم في شيء باعتبار الصراعات كلها بين أطراف كافرة من غالب ومغلوب وكلهم أمة واحدة لا شأن لهم بهم إلا أن يدعو الجميع لدين الإسلام. وليس بينهم وبين الاستعمار الصهيوني أو الصليبي عداء، والأمر عندهم بدء محض طويت فيه صفحة الصراعات مع أعداء هذا الدين التي استمرت أربعة عشر قرنًا باعتبار أن هذا الدين نفسه قد طويت صفحته وانتهى أمره وأصدروا شهادة وفاة له ولمجتمعاته، وبدايته الجديدة على أيديهم تماثل بدايات الأنبياء مع الناس جميعًا لا يبدؤون أحدًا بعداء ويطوون صفحة ما قبلهم من جاهليات والناس في بقاع الأرض جميعًا عندهم سواء حتى توجد جماعة أو أمة تؤمن برسالتهم فعندئذ يتحدد المحبة والعداء والولاء والبراء مع الموافق والمخالف. وهذا الطرف كما ترى لا شأن له بمواجهة مع أعداء الإسلام التاريخيين من صهيونية وصليبية أو يهود ونصارى، ولا شأن له ببعث أو إحياء أو تمكين ولا يفكر في ذلك. وغاية ما يسعى إليه هو الحكم على الناس واعتزال من يكفرهم والبراءة منهم، فهو تبشير لا إحياء ولا بعث، ولكنه حتى لا يقوم بدوره كتبشير ويكتفي بالتكفير والاعتزال والإلتزام بإصدار الأحكام على كل واحد من الناس دون الإلتزام باستفاضة البلاغ، وترك أمر الأحكام والاقتصار فيها على ما تستدعيه الحركة من تحديدات ضرورية لمسيرتها.
الواسطـة من الحـق: ترى انقطاع الوجود الشرعي للأمة، واستمرار الوجود التاريخي لها، وأن الأمر مزيج من الاستئناف والبدء، وترى أن الأساسيات للمجتمعات الإسلامية غير متحققة للمجتمعات العلمانية، والشرعية غير قائمة للأنظمة العلمانية. فمن استمرار الوجود التاريخي للأمة ترى أن مسيرة محمد r مستمرة، وأن الإسلام الآن في حالة التباس وليس في حالة اندراس، وأن الاندراس الكامل لأمة محمد r لا يمكن أن يحدث إلا بعد أن تأتي ريح طيبة تقبض أرواح المؤمنين بعد قبض عيسى عليه السلام. وعليه فملامح الاستئناف للمسيرة مستمرة وصفحة الصراع والمواجهة مع الصهيونية والصليبية لم تُطْو، والصراع التاريخي مع اليهود والنصارى لم يُطْو، وأنه لا نبيّ بعد محمد r، والأمر يتطلب ليس التبشير بالدين من جديد والبدء من حيث بدأ، ولكن يتطلب إعادة البناء لانقطاع الوجود الشرعي، وإسقاط شرعية الأنظمة العلمانية، وعدم تحقق أساسيات المجتمع المسلم في المجتمعات العلمانية. فهنا لا يصلح استكمال نقص أو تصحيح انحراف مع اعتراف بشرعية الأنظمة واستقرار الأساسيات في المجتمعات. بل لابد من إعادة بناء هذه المجتمعات نفسها من جديد، وليس التبشير بالدعوة في غيرها من ديار الكفر الأصلي باعتبار أن الإسلام صاحب حق في هذه المجتمعات، وهي لم تتمحض للكفر ومازال فيها خير كثير وفيها الكثير من الأمة ممن لا يرضى بالعلمانية ولا يرغب عن شرع الله، أو يعدل بشرع الله غيره. ولابد من استعادة هذه المجتمعات للإسلام وهي أرضه التاريخية عليها يقوم ومنها ينطلق مرة أخرى. فالرسالة رسالة إحياء وبعث وإعادة بناء، وليس التبشير بالدين الجديد عند من لا يدين به، ولا يمكن مواجهة الأنظمة العلمانية لإسقاطها والتمكين لدين الله في أرضه التاريخية إلا بعد أو مع إحياء الأمة لافتقار الأمة قبل هذا الإحياء لأساسيات المجتمع المسلم الذي تواجه به العلمانية في الصراع بل هي أصلاً ليست طرفًا في الصراع مع العلمانية وهي إما محيَّدة أو متغيرة المواقف في الصراع الدائر بين العلمانية والإسلام أو بين العلمانيين والإسلاميين لأنها لم تحدد بعد هدفها بسبب افتقادها لهذه الأساسيات، فلابد من عملية الإحياء لتتم المواجهة ليس بين الإسلاميين والأنظمة العلمانية ولكن بين الأمة بعد إحيائها وبين العلمانية والقائمين عليها، ومواجهة الإسلاميين للأنظمة العلمانية قبل إحياء الأمة يُمَكِّن الأنظمة العلمانية من عزل هذه الحركات الإسلامية وتصفيتها لأن المواجهة حينئذ تكون مواجهة مبكرة غير متكافئة يتم من خلالها إجهاض العمل الإسلامي في ظل حياد الأمة أو انحيازها للعلمانية أو تغير مواقفها بين العلمانية والإسلام.
· وهناك توجـه آخـر: يرى سقوط شرعية الأنظمة مع احتفاظ الأمة بالأساسيات، ولا يرى داعي للإحياء والأمر لا يتطلب سوى المواجهة لاستعادة الشرعية من مغتصبيها دون أي توجه قبل ذلك أو مع ذلك للإحياء بناء على هذه النظرة، كما حارب الإسلام قبل ذلك أعداءه التاريخيين من التتار والقرامطة والصليبيين والإفرنج وغيرهم مواجهة فورية ومباشرة دون داعٍ لأي عمليات إحياء. وهذا التوجه يتغافل عن الواقع وعن دور الأمة ويدخل في مواجهة غير متكافئة وغير مفهوم بواعثه فيها عند الناس تؤدي إلى إجهاض العمل الإسلامي، وتنفر الناس منه لارتباطه بالدماء بدون سبب مفهوم لديهم. ومن ثَمَّ فهو توجه خاطئ لأنه يتغافل دور الإحياء على أساس من عقيدة التوحيد السلفية توحيد الأئمة وسلف الأمة وما دلت عليه نصوص الكتاب والسنة وارتباط ذلك بالهوية والشريعة والصبغة.
والطرفان من الباطل يخرجان من قضية المواجهة للتغيير، والتوجه الخاطئ يدخل في قضية المواجهة على غير بصيرة، والواسطة من الحق تدخل في قضية المواجهة على بصيرة لارتباط هذه المواجهة مع الإحياء وتصحيح المفاهيم وإدخال الأمة كطرف أصيل في الصراع.
وإدخال الأمة كطرف أصيل في الصراع لا يعطل مسيرة العمل الإسلامي لأن مسيرة العمل الإسلامي متكاملة لابـد فيها مـن:
· تصحيح المفاهيم.
· دور الأمة.
· دور الصفوة.
· دور القيادة.
· التمكين للانطلاق من قاعدة آمنة.
ولا بأس أن يسبق بعض هذه العناصر غيره إذا كان ذلك متاحًا بدون اعتساف أو تقدير خاطئ وحسابات خاطئة تذهب بثمرة كل شيء، ولابد أيضًا من استكمال هذه العناصر جميعًا فإما أن يأتي ترتيبها طبيعيًا أو يختلف الترتيب لكن تكتمل العناصر.
الشيخ عبد المجيد الشاذلي
من كتاب البلاغ المبين الجزء الرابع
المؤمن بالله- ميماوي جديد
-
عدد الرسائل : 25
العمر : 73
تاريخ التسجيل : 08/04/2008
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى